Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
KALIMATE كلمات
20 juin 2011

أترك لك البحر مجموعة قصصية

أترك لك البحر

 

 

تقديم 

بقلم

سعيد بنعبدالواحد

 

 أترك لك البحر1

أترك لك البحر2

ازدادت كارما رييرا بجزيرة بالما دي مايوركا سنة 1948، من أب ينحدر من هذه الجزيرة وأم كطلانية. عاشت بمايوركا ودرست بها وتعرفت إلى كتابها وتعلقت بالأستاذ فرانثسكو ليناس. انتقلت سنة 1956 إلى مدينة برشلونة لتدرس الأدب الإسباني، حيث حصلت على الإجازة سنة 1970. تقيم حاليا ببرشلونة وتشتغل أستاذة للأدب الإسباني بالجامعة المستقلة لبرشلونة. حصلت على الجائزة الكطلانية للآداب سنة 2001. كتبت في المقالة، والدراسة الأدبية،والرواية، وتُرجمت أعمالها إلى العديد من اللغات الحية. لكنها بدأت مشوارها الأدبي قصاصة وظلت وفية لهذا الجنس الأدبي. من أهم مجاميعها القصصية :  أترك لك البحر عربونا، ياحبي (1975وأشهد على ذلك النوارس (1977  ضد الحب في رُفقة (1991)، وفندق الحكايات وقصص أخرى عُصابية (2008).

 تكتب كارما رييرا نصوصها الأدبية باللغة الكطلانية وتترجمها شخصيا إلى اللغة القشتالية. إن الكتابة باللغة الكطلانية فقط، أو باللغتين القشتالية والكطلانية معا، اختيار لغوي يفرض نفسه بإلحاح في هذا الإقليم الإسباني حيث تطرح مسألة اللغة والهوية أحيانا بشكل هادئ ورزين، وأحيانا بطريقة متشنجة وعنيفة تعبر عن تمزق الكاتب الكطلاني بين الوفاء للغته الأصلية وطموحه "المشروع" إلى الكتابة بلغة أخرى تضمن الشهرة والانتشار بشكل أوسع.  

تنتمي كارما رييرا إلى جيل من الأدباء الإسبان الذي عاشوا في ظل الدكتاتورية وتربوا في أجوائها القمعية، لكنهم بدأوا يكتبون مع بداية أفولها وحلول أولى نسائم الحرية والديمقراطية في إسبانيا سنة 1975. لكن الكاتبة تعبر أساسا عن شرطها الأنثوي وانتمائها اللغوي والثقافي الكطلاني. وإذا كان وضع المرأة الإسبانية في عهد فرانكو يتميز بالتهميش والإقصاء، فإن وضع اللغة الكطلانية قبل دستور 1978 لم يكن أحسن حالا. لقد سخَّر النظام الفرنكاوي كل الوسائل لمحو الهوية الكطلانية ونفي وجودها السياسي. وشكلت المسألة اللغوية نقطة حساسة وحاسمة في الصراع بين مدريد وبرشلونة؛ حيث منعت السلطات المركزية استعمال اللغة الكطلانية في كل المجالات الخاصة والعامة، العلمية والرسمية، واضعة بذلك حدا لفترة من الانفتاح اللغوي النسبي الذي كان سائدا من قبل. لكن دستور سنة 1978 أعاد الأمور إلى نصابها واستجاب لمطالب الأصوات القومية الكطلانية، فأصبحت اللغة الكطلانية لغة رسمية في إقليم كاطالونيا إلى جانب اللغة القشتالية.

ورغم أن كارما رييرا تتقن اللغة القشتالية، فقد اختارت أن تكتب إبداعاتها باللغة الكطلانية منذ أن أصدرت سنة 1975 مجموعتها القصصية الأولى أترك لك البحر عربونا، ياحبي. ولعل هذا الاختيار نابع من قناعات شخصية ووجدانية أكثر من كونه تعبيرا عن موقف سياسي أو لغوي متعصب. فالكاتبة تعتبر اللغة التي نشأت بين كلماتها وجملها في جزيرة مايوركا جزءا لا يتجزأ من الذاكرة الأدبية التي تستمد منها الشخوص والمواقف والمواضيع التي تشكل مادتها القصصية. بل إن قارئها في الترجمة الإسبانية، التي تنجزها الكاتبة بنفسها في أغلب الأحيان، يدرك أن الشخصيات كطلانية بمزاجها الخاص أولا، وبطريقة كلامها المستوحاة من مستويات مختلفة من اللغة الكطلانية المتداولة باختلاف توزيعها الجغرافي بين القارة والجزر. ولذلك فإن كارما رييرا تعتبر اللغة عنصرا هاما في الإبداع الأدبي والاشتغال على مستوياتها المختلفة ركنا مهما من أركان الكتابة.

تمثل القصة الجنس الأدبي الذي مارسته كارما رييرا منذ أن أصدرت مجموعتها الأولى أترك لك البحر عربونا،يا حبي سنة 1975، والتي تلتها مجموعة وأشهد على ذلك النوارس، 1977، ضد الحب في رفقة قبل أن تنشر آخر أضمومة قصصية سنة 2008 تحت عنوان فندق الحكايات وقصص أخرى عُصابية. ورغم التباعد الزمني بين هذه الإصدارت، فإن ما يجمعها هو وحدة الموضوع، الذاكرة والكتابة، والبحث في الأشكال السردية التي تعتني بالبوح والاعتراف. وتتناول الكاتبة في قصصها مواضيع متنوعة، لكن أهمها، في نظرنا، هو المرأة، والذاكرة، وإشكالية الكتابة.

معظم شخصيات كارما رييرا نساء يمثلن نماذج مختلفة من المرأة الكطلانية والإسبانية. تطغى شخصية المرأة وقضاياها على نصوص المجموعتين الأولى والثانية، نظرا لظروف الكتابة في إسبانيا عند منتصف السبعينيات والتزام الكاتبة بقضاياها وهمومها. تظهر المرأة في معظم هذه النصوص متحدية للقيم الأخلاقية والدينية السائدة. بل إن صراعها مع النفاق الاجتماعي وتمردها على المفاهيم المغلوطة يجعلها أحيانا تتخذ مواقف جذرية لطرح قضاياها من وجهة نظر "جنسية" أي من زاوية أنثوية صرفة.

من جهة أخرى، تلعب الذاكرة دورا هاما في طرح المادة المحكية وظهورها بكل أشكال طيف الروح والذات. إذ يكاد ينعدم في هذه النصوص ضمير الغائب، فاسحا المجال لكل أشكال الحكي الذاتي المعتمد على تخييلات "الأنا" وأصواتها المختلفة. فالذاكرة هنا شخصية وتستمد وعيها وقيمتها من الشهادة، والرسالة وكل أشكال الكتابة عن الذات. وتؤكد الكاتبة على أهمية الذاكرة في الكتابة بقولها :

"إن الذاكرة هي عينا الكاتب، بدونها نموت، هي جزء مهم من هويتنا. إنها روح الإنسان. ولقد تطرقتُ لهذا الموضوع في رواية نصف الروح"[1]

لكن هذه الذاكرة القصصية ليست دائما استرجاعا لذكرى جميلة أو حلم ضائع، بل غالبا ما تكون غوصا في جروح وتصدعات تأتي على شكل شذرات ومواقف إنسانية قوية. لذلك فإن كارما رييرا تمارس الكتابة كوسيلة للبوح والاعتراف. ولعل تعدد الرسائل كشكل من أشكال السرد في هذه النصوص دليل على الدور الذي يلعبه الحكي في نصوصها كممارسة فردانية للاعتراف، أو، كما تقول إحدى الشخصيات في رواية مسألة كبرياء:

" كل كتابة هي رسالة حب، ليس النص سوى ذريعة حب أدبية للبحث عن مخاطَب"[2]

لكن تيمة الكتابة ووضعية النص والكاتب تهيمن على مواضيع المجموعة القصصية الثالثة ضد الحب في رفقة، الصادرة في ترجمتها الإسبانية سنة 1991. ففي قصة "الرواية التجريبية"، مثلا، يحاول أديب فاشل كتابة رواية شاملة، تلخص كل أنواع الكتابة وتتجاوز المتعارف عليه في التقاليد الأدبية. وتطرح قصة "هذه ليست قصة" في شكل ساخر وضعية الكتابة القصصية في إسبانيا ومصير هذا النوع الأدبي أمام إمكانية ظهور آلة عظيمة يمكنها أن تنسج آلاف القصص وتسحب امتياز الإبداع والخيال من الكاتب البشري. كما تطرح الكاتبة في هذه القصص وغيرها كل ما له علاقة باللغة الأدبية والشخصيات، والتناص والإبداع.

من جهة أخرى، يلاحظ أن نبرة الحكي تتخذ مسارا متحولا في قصص كارما رييرا بين 1975 و1991. فإذا كانت النبرة الحزينة، الموسومة بالتذكر والحنين، هي المهيمنة على أجواء قصص المجموعتين الأولى والثانية، فإن السخرية اللاذعة هي التي تسيطر في نصوص المجموعة الأخيرة. ولعل هذا التحول النوعي يرجع، من بين أسباب أخرى، إلى تغير على مستوى المواضيع وتحول في المنظور السردي. ذلك أن الكاتبة انتقلت، دون أن تحدث قطيعة نهائية، من مواضيع المرأة وأحوالها إلى تناول مواضيع ذات بعد أدبي وإبداعي، من قبيل الكتابة والتفكير في أمورها المختلفة، مع اتخاذ موقف ساخر، يعبر أحيانا عن المرارة واليأس، وأحيانا أخرى عن  التمرد والثورة على قوانين وأعراف المؤسسة الأدبية.

لقد حاولنا في هذه المختارات القصصية أن نضع من النصوص ما يمثل هذا التحول النوعي في المسار الموضوعاتي والشكلي في كتابة كارما رييرا، وذلك انطلاقا من الترجمة الإسبانية التي أنجزتها الكاتبة نفسها، باستثناء قصتي "أترك لك البحر عربونا، ياحبي" و"وأشهد على ذلك النوارس" التي قامت بترجمتهما الناقدة والمترجمة الإسبانية لويسا كوطونير سردو، بتعاون وثيق مع الكاتبة.

أملنا أن تشكل هذه النصوص، التي نقدمها اليوم للقارئ العربي، إضافة نوعية للكتابة القصصية انطلاقا من حساسية نسائية خاصة وشمت بقوة نصوصها المشهد الأدبي الإسباني المعاصر، وتكون بداية لنقل سلسلة من الأعمال القصصية الرائدة في الأدب الكطلاني المعاصر.

 



[1] انظر الحوار الذي أجريناه مع الكاتبة، مجلة  قاف صاد، العدد 7، 2008 (المترجم).

[2] RIERA, Carme : Cuestión de amor propio, Barcelona, Planeta, 1988, p.24.

Publicité
Publicité
Commentaires
KALIMATE كلمات
  • *Kalimate Édition, impression et distribution* *كلمات للنشر والطباعة والتوزيع * * شارع ولي العهد، إقامة ديار 3، عمارة 7، شقة 3 . 11000 سلا* 0664775782 Fax 0537880629
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
Publicité
Publicité