Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
KALIMATE كلمات
29 janvier 2013

سعيد حجي...فنان يبدع عالمه من نزيف

سعيد ح ج ي

سعيد حجي هذا هو اسمه الحركي والحقيقي معا...

أن تولد بحي شعبي معناه ان تكون منذورا للمواجهة. المواجهة التي تعني تبادل الضرب بالسكاكين والهراوات والطوب وكل ما ملكت يداك، للصمود في معركة الحياة... وإذا ما قدِّر لك امتلاك ادوات التحليل والتعليل والوعي تتحول المدية والهراوة والطوب إلى وسائل راقية للتعبير كسلاح في مواجهة التهميش والتضليل والقهر...

 

الكرسي

 

سعيد حجي، الذي نشأ داخل أزقة حي شعبي مناضل (سيدي البرنوصي)، كامتداد لحي مجاهد آخر (الحي المحمدي)، أصيب بلوثة وعي شقي مبكر، وضعه وجها لوجه مع جهابذة القمع، خلال سنوات القهر من القرن الماضي، في منطقة قصية من هذا الوطن اسمها طاطا حيث يتم الانفراد بالمواطنين خارج كل القوانين، فكانت معركته القاسية الأولى وامتحان لمعدنه، في وضع من اختلال الموازين والقوى لصالح العنت والبطش... وبالرغم من أنه أعزل ووحيد، فقد رفض الانصياع وفي ذات الوقت رفض الهروب أو التراجع، فكانت المواجهة التي استمرت حتى موت جلاده الخاص، وأكيد أنها ستستمر حتى يطلع البدر على الأطلال... قد يكون انهزم جسديا لكن روحه لم تنسحق. ومن أجل أن يُفْلت من التلاشي والجنون ويستمر في الذهاب إلى أقصى نزيفه اختار أن يغير العالم، ويتابع مطاردة جلاديه، بواسطة التشكيل والكتابة والحضور الصاخب هنا وهناك، يستبدل أداة بأخرى، يتقمص الأدوار ويراوغ السقوط والمتعقبين...

 

الكرسي1

 

سعيد حجي، الذي لم يتوقف يوما عن رسم دربه من خلال الاصرار على المسير، حول آلامه الداخلية إلى ابداع، فكتب القصائد (ديوان كاميكاز/يوليوز2001)، وحول نزيفه إلى لوحات تشكيلية، ليحافظ من خلال، كل ذلك، على توازنه الداخلي، في معركة غير متكافئة، وأصر على أن يجابه الجنون والنسيان بواسطة العمل على حفظ الذاكرة. (ذاكرة فينق 2006،أرواح بيزكارن...) ذاكرته وذاكرة كل الذين مروا من سراديب الألم والموت... هذه الذاكرة الخاصة والجماعية، التي تعج بكل أنواع المآسي، هو ما أهله لأن يشق طريقه المتميز/ المتفرد في عالم التشكيل...

 

الكرسي2

 

سعيد حجي، ككل المغضوب عليهم من لصوص الثروة الوطنية، طريدةُ عنفِ سلطةٍ غاشمة... أصر على أن يسير في طريق التحدي، وكلما تلطخ قميصه من نزيف جراحات أصابته وهو في مقتبل العمر، نشر قمصانه بدمائها الزرقاء. بدمائها البيضاء. بدمائها الحمراء القانية. دمائها المتعددة الألوان... لترفرف لوحاته أعلاما على صواري بواخره صارخة في وجه العالم:" الضحايا قادمون..."...

سعيد حجي... الذي تحمل ضربات الفرشاته ندوبا وأخاديد عنف في الروح، تتوزع لوحاته بين الدائرة وأعشاش العناكب والدوامة فإن الكرسي هو ما يطغى على كل المشاهد... كرسي الحاكم. كرسي الجلاد حيث يصفد ضحيته. كرسي الانتظار والملل. كرسي الاعتراف...

أكيد أن الشاعر المغربي الراحل أحمد بركات لم يكن يعرف سعيد حجي عندما كتب:

هذا هو الكرسي

عليه يستوي الصانع الملول

كما تستوي باقة الورد المجهولة

وعليه تستريح الفصول

عليه يستوي المعطف

مثلما يستوي الملوك

وعليه تستريح الأرض إذا أكملت دورتها..

سعيد حجي الذي حاصرته الكوابيس والخصاصة... ولم يبع ولم ينحرف... هل آن له أن يستريح ويغلق الباب وراءه-على كل كوابيسه- بعد أن وقف، فوق قبر جلاده الشخصي، ثملا بانتصاره...؟ وأن يفتح نوافذ أخرى  ليعبر البهاء عبر لوحات قادمة ويدخل ضوء شفيف إلى أقبية نفوس حاصرتها العتمة طويلا...

توفيقي بلعيد

الثلاثاء 29/01/2013

ملحوظة:اضغط على الصورة لتأخذ حجما أكبر

Publicité
Publicité
Commentaires
KALIMATE كلمات
  • *Kalimate Édition, impression et distribution* *كلمات للنشر والطباعة والتوزيع * * شارع ولي العهد، إقامة ديار 3، عمارة 7، شقة 3 . 11000 سلا* 0664775782 Fax 0537880629
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
Publicité
Publicité